في الجزأين الأول و الثاني من هذه السلسلة، التي كتبها Andrew White وقمت بترجمتها، استعرضنا المفهوم العام للقانون “الذكي” وكيف يتجاوز الاعتماد على التكنولوجيا ليشمل توثيق المنهجيات القانونية والخبرة المتراكمة لدى المحامين. تناولنا كيف يمكن استخدام هذه المعرفة لتحسين كفاءة الخدمة القانونية وزيادة قيمتها للعملاء.
في هذا الجزء الثالث، ننتقل إلى مرحلة أكثر تطبيقية من خلال استعراض الإطار التنظيمي لمبادرة “سمارت لاب”، وهو النموذج الذي يقترحه الكاتب لتوجيه وتفعيل الخدمات القانونية الذكية. كما نناقش الفرق بين أنواع العمليات القانونية، من تلك التي تُنفذ بشكل روتيني ويمكن أتمتتها بالكامل، إلى العمليات الأكثر تعقيدًا التي تعتمد على خبرة المحامي وحكمه المهني، مما يساعد على تحديد المساحات التي يمكن للنهج الذكي أن يُحدث فيها أثرًا حقيقيًا.
الإطار التنظيمي: سمارت لاب
يمكن تطبيق مهمة جعل المنهجيات عامة في أي مجال من مجالات الممارسة – من الشركات إلى التحكيم، ومن الملكية الفكرية إلى العقارات، ومن التجارة إلى الضرائب. وهذا هو أحد الأسباب وراء وجود فوائد لإنشاء إطار تنظيمي مركزي لمثل هذه الجهود، قادر على تسهيل المبادرات عبر المنظمة.
في بقية هذه المقالة، سأستخدم الاسم الذي قمت بصياغته لهذا الإطار – سمارت لاب. سمارت لاب هو اختصار للتسخير المنهجي لمنهجيات المعرفة القانونية في منظمة قانونية. يمكن أن يساعد الإطار الشامل للرؤية على التغلغل في جميع أنحاء المنظمة بأكملها، مما يؤدي إلى تسريع المجموعات التي هي بالفعل خلايا للإبداع، وتحفيز المجموعات التي تميل إلى أن تكون محافظة وثابتة تمامًا.
وتتمثل إحدى الفوائد الأخرى لتنفيذ إطار مركزي في خلق شعور “بالملكية” والمشاركة المشتركة – فلم يعد الابتكار والعمليات الذكية حكرا على مجموعات ممارسة معينة، بل أصبحت جزءا من الشركة ككل. إن امتلاك علامة تجارية ـ سمارت لاب كمثال على ذلك ـ من الممكن أيضاً أن يضخ الطاقة و”الشخصية” في برنامج “القانون الذكي”. ويمكن أن يتيح نشر أفضل الممارسات بسهولة عبر المؤسسة، حتى تتمكن الفرق من تعلم الدروس من بعضها البعض أثناء التقاط وتعميم ونشر منهجياتهم الخاصة.
ما الفرق بين العمليات القانونية؟
هناك بعض الفروق المهمة بين رؤية سمارت لاب وأنشطة تسليم المشاريع القانونية وفرق العمليات القانونية، وكلاهما يتضاعف في شركات المحاماة الكبرى والفرق القانونية الداخلية الكبيرة. ومن خلال خبرتي، تعالج هذه الفرق تحديات أكثر تنوعًا في إدارة الأمور، والتي قد تشمل ما يلي:
- تحديد نطاق الاحتياجات وتحديد التوقعات.
- توفير تكاليف وتقديرات زمنية واقعية.
- تشكيل فريق قانوني، وكيفية تفويض مقدمي الخدمات المرنة.
- تسهيل التعاون.
- تبسيط سير العمل في مجالات مثل التحقق من النزاعات، والمرافق الافتراضية، والفواتير وما إلى ذلك؛
- تصميم “الشكل والمظهر” للاتصالات المكتوبة والمرئية المتبادلة بين المحامي والموكل. و
- كيفية التقاط البيانات من الأمور المباشرة وتسخيرها وإدخالها في الخدمة بشكل مستمر.
كل هذه، بطبيعة الحال، ذات قيمة. وإذا نظرت إلى المواقع الإلكترونية لشركات مثل Norton Rose Fulbright (عبر خدمة “Transform“)، وSimmons & Simmons (عبر “Wavelength“)، وAshurst (عبر “Advance“)، وPinsent Masons (عبر “Vario“) أيضًا كما ستجد في شركتي (Bird & Bird) وصفًا للعديد من هذه الأنشطة وأغراضها.
هدف سمارت لاب أضيق. فهو يركز فقط على تعميم الأساليب المحددة التي يتم من خلالها تطبيق القانون لتقديم الخدمات، بدلاً من الجوانب التنظيمية والإدارية الأوسع لتلك الخدمات. ومع ذلك، هناك أوجه تآزر واضحة. ومن الممكن أن يؤدي وجود برنامج فعال لتسخير منهجيات المعرفة العملية إلى تعزيز العديد من العمليات القانونية الموصوفة أعلاه ــ على سبيل المثال، من خلال المساعدة في تبسيط الخدمة، أو جعل تفويض بعض المهام ممكنا، أو توفير أساس قوي لوضع تقديرات التكلفة والوقت.
في حين أن رؤية سمارت لاب والعمليات القانونية مختلفة، إلا أن سمارت لاب يمكن أن يساعد في ازدهار العديد من عناصر العمليات القانونية.
كما رأينا في هذا الجزء، فإن بناء إطار تنظيمي مثل “سمارت لاب” يساعد في تحويل المعرفة القانونية غير الملموسة إلى منهجيات قابلة للتطبيق، مما يمهّد الطريق لاعتماد نهج قانوني أكثر ذكاءً وكفاءة. ومن خلال التمييز بين أنواع العمليات القانونية، يمكن للمؤسسات أن تحدد بدقة المجالات التي تستحق الاستثمار في أدوات ذكية ومنهجيات مدروسة.
في الجزء الرابع من هذه السلسلة، التي كتبها Andrew White وقمت بترجمتها، سنتناول خمس فوائد تجارية محورية يمكن أن تحققها الجهات القانونية من خلال تطبيق نهج “القانون الذكي”. تابعوا معنا لاكتشاف كيف يمكن لهذا النموذج أن يحدث فرقًا ملموسًا في الأداء والكفاءة والنتائج.
